"حقوق الإنسان والديمقراطية": إسرائيل تهجّر عرب المليحات قسراً لفرض الاستيطان
"حقوق الإنسان والديمقراطية": إسرائيل تهجّر عرب المليحات قسراً لفرض الاستيطان
أدان مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية (شمس) بأشد العبارات ما وصفه بـ"الجريمة الجديدة" التي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين في تجمع عرب المليحات شرقي مدينة رام الله، بعد تنفيذ عمليات تهجير قسري طالت عشرات العائلات البدوية خلال الأيام الأخيرة.
وأوضح المركز، في بيان اليوم السبت، أن ما يجري يُعد انتهاكًا صارخًا لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، ويشكّل جريمة بموجب القانون الدولي الإنساني، تندرج ضمن سياسة مستمرة لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين لأجل التوسع الاستيطاني.
ممارسات ممنهجة لفرض الرحيل
رصد مركز "شمس" تصعيدًا خطيرًا في التجمع خلال الأيام الماضية، تمثّل في تدمير الخيام وسرقة المواشي وتسميمها، ومصادرة صهاريج المياه، وإغلاق الطرق، إضافة إلى إقامة بؤر استيطانية جديدة على مقربة من التجمع، ما عدّه إعلانًا صريحًا باستهداف المنطقة بالكامل.
وأشار المركز إلى أن هذه الاعتداءات أجبرت نحو 30 عائلة على الرحيل القسري، بعد أن سبقها خروج 20 عائلة أخرى، في حين يعيش نحو 500 نسمة متبقين تحت تهديد دائم بالترحيل والطرد، في ظل انعدام الحماية وتزايد التهديدات.
مخالفة القانون الدولي
ذكّر مركز "شمس" بالمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر النقل القسري أو الجماعي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، وتعده جريمة حرب. كما أشار إلى المادة (7) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تدرج التهجير القسري ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يحميان حق التنقل والسكن، وهو ما تنتهكه إسرائيل في حملتها ضد السكان البدو.
أهداف استعمارية خلف التهجير
أكد المركز أن التهجير القسري في عرب المليحات ليس حادثًا فرديًا، بل يمثل جزءًا من مخططات إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى السيطرة الكاملة على الأرض والموارد، وتوسيع رقعة المستوطنات في الضفة الغربية والأغوار.
وأوضح أن هذه السياسة تسعى إلى تفكيك المجتمعات البدوية، وتدمير نمط حياتها التقليدي، وفرض أمر واقع استعماري جديد يقضي على فرص البقاء لتلك التجمعات على أرضها.
النساء والأطفال الأكثر تضررًا
نوّه "شمس" إلى أن النساء والأطفال يتحملون العبء الأكبر من التهجير القسري، حيث يُقتلع الأطفال من بيئاتهم، ويُحرمون من التعليم والرعاية الصحية، في حين تواجه النساء فقدان الأمن الشخصي وزيادة في العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتؤدي هذه الانتهاكات إلى تفكيك الأسر وإضعاف الروابط الاجتماعية، وتخلق معاناة مركبة على الصعيد النفسي والإنساني، ما يمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان.
دعوات عاجلة للحماية والمحاسبة
حمّل مركز "شمس" سلطات إسرائيل المسؤولية القانونية الكاملة عن الجرائم المرتكبة، محذرًا من أن صمت المجتمع الدولي وفشل المؤسسات الأممية في اتخاذ موقف حازم يشجع إسرائيل على التمادي في جرائمها.
وطالب المركز الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقيات جنيف بتحمل مسؤولياتها، والعمل على وقف التهجير القسري، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للمجتمعات المستهدفة.
ودعا أيضًا الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، مجلس الأمن، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إلى زيارة ميدانية عاجلة لتجمع عرب المليحات، ورصد وتوثيق الانتهاكات وتقديم تقارير رسمية تطالب بإجراءات ملموسة لحماية السكان وإنهاء الاحتلال.
تجمع عرب المليحات يُعد واحدًا من التجمعات البدوية المنتشرة شرق رام الله، ويواجه منذ سنوات تصعيدًا متواصلًا من سلطات إسرائيل والمستوطنين بهدف طرد سكانه وإقامة مستوطنات على أنقاضه، وتأتي الاعتداءات في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة لتفريغ الأغوار والضفة الغربية من السكان الفلسطينيين، ضمن خطة أوسع لـ"الضم الزاحف"، مستفيدة من فجوات في المساءلة الدولية، وغياب الحماية الفعلية للمدنيين تحت الاحتلال.